أعلنت وزارة الصحة العامة، بالشراكة مع اليونيسف، عن اعتماد “رايزينغ”-Rising- كبرنامج وطني لمعالجة الأسباب المباشرة الكامنة وراء سوء التغذية وتعثّر النمو واعتلاله في مرحلة الطفولة المبكرة لدى الأطفال الأكثر ضعفا في لبنان. وتهدف مبادرة “رايزينغ”-Rising- إلى مساعدة جميع الأطفال على النمو الكامل وتوفير التغذية الأساسيّة والإستجابة من خلال منصات متعددة تتضمن دور الحضانة ومراكز الرعاية النهارية ومراكز الرعاية الصحيّة الأوليّة والتواصل الإجتماعي ورياض الأطفال والمنصات الرقمية.
جاء ذلك في لقاء في فندق راديسون بلو في بيروت برعاية وحضور وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الاعمال الدكتور فراس الأبيض ونائبة ممثل منظمة اليونيسف في لبنان إيتي هيغنز والبروفسور في طب الأطفال والعناية الفائقة لحديثي الولادة والخدّج في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتورة لما شرف الدين ورئيسة دائرة الأم والطفل والمدارس في وزارة الصحة العامة باميلا زغيب ورئيس قسم التغذية وتنمية الطفولة المبكرة في اليونيسسف الدكتور أمير ياربارفار وحشد من المعنيين.
وقد استهل الوزير الأبيض كلمته بالتوقف أمام معاناة أطفال فلسطين الذين يدفعون الثمن الأكبر من العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في غزة. وقال إنه “في أي مؤتمر يتعلق بالطفولة تبرز هذه المعاناة بالدرجة الأولى ” ، مؤكدا أن “للمجتمع الدولي مسؤولية كبيرة لوضع حد لما يحصل من عدوان مستمر في غزة”.
وتناول الابيض موضوع المؤتمر، وأكد “أن الوزارة تضع موضوع نمو الأطفال وغذائهم من ضمن أولوياتها لانعكاس ذلك على مستقبل الاطفال وبالتالي على مجتمعهم”. وذكر بالمقولة المعروفة: العقل السليم في الجسم السليم”، مضيفا:” ان أطفالا بصحة جيدة يستطيعون تقديم الأفضل للوطن عندما يصبحون بالغين”.
وأشار الأبيض إلى “أن الوزارة كانت قد أطلقت المسح الوطني الأول من نوعه للمغذيات الدقيقة والقياسات البشرية ونمو الأطفال (LIMA) بالتعاون مع اليونيسف والجامعة الأميركية لرصد النمو الشامل للأطفال في لبنان في السنوات الثلاث الأولى الحرجة من العمر”.
وإذ لفت إلى أهمية هذا المسح لتصميم البرامج والسياسات التي تستجيب للحاجات الحقيقية، كشف بعضا من النتائج وأبرزها “أن لبنان يعاني من سوء تغذية والأمر مثبت بالأرقام خصوصًا في الأعمار الصغيرة، وبدرجة أكبر لدى مجتمعات النازحين مما هو الحال لدى المجتمعات المضيفة”.
ولفت وزير الصحة العامة إلى “أن لبنان يطالب بصوت واحد بالحل الأمثل لموضوع النزوح وهو العودة الآمنة إلى البلد الأم، ولكن وفي الإنتظار، لا مصلحة للبنان على الإطلاق بأن يعاني المجتمع الشقيق المجاور مشاكل مجتمعية وتأخيرا في النمو”، و قال :” من الضروري في هذا المجال، أن يضطلع المجتمع الدولي بمسؤولياته الواردة في شرائع الأمم المتحدة، بحيث إن تأمين المجتمع الدولي الأمور الأساسية لهذه المجتمعات ليس خدمة بل جزءًا من الواجب المنصوص عليه في الشرائع الأممية”.
وأشار الابيض إلى “أن الإهتمام بنمو الأطفال يتطابق كذلك مع الاستراتيجية الوطنية للصحة التي تركز على استباق الأمراض ومراحل الإستشفاء بتأمين التنشئة السليمة والوقاية والكشف المبكر”.
ونوه الوزير الأبيض بالشراكة بين الإدارات الرسمية والجامعية والمنظمات الدولية لإتمام هذا العمل المتعلق بنمو الأطفال، مؤكدا “أن جمع الموارد يعطي النتائج الفضلى”.
وختم موجها الشكر الخاص لفريق وزارة الصحة العامة “الذي يعمل في ظروف صعبة جدا بموارد متضائلة”. وقال:” إن في لبنان ورغم هجرة عدد كبير من الطاقات، أشخاصًا كثرًا جيدين ويبقون الأمل في تأمين صمود لبنان”.
بدورها، قالت نائبة ممثل اليونيسف في لبنان إيتي هيغنز: “إن نمو الأطفال والتنمية المجتمعية مترابطان للغاية، وبالتالي فإن حماية النمو الأمثل للطفل والتنمية تتطلب حلولا مترابطة، و تأتي مبادر رايزينغ RISING كحلٍّ مبتكر للحدّ من تعثّر نمو الأطفال وازدهارهم في لبنان”.
وكان اللقاء قد بدأ بكلمة ترحيبة ألقتها الإعلامية غادة جبران، ثم كان عرض تقني لبرنامج Rising قدمته رئيسة دائرة الأم والطفل والمدارس في وزارة الصحة العامة باميلا زغيب ورئيس قسم التغذية وتنمية الطفولة المبكرة في اليونيسف الدكتور أمير ياربارفار حيث أوضحا أن البرنامج الوطني “رايزينغ” RISING يعتبر حيويا في الوصول إلى مقدمي الرعاية للأطفال دون سن الخامسة من خلال منصات مختلفة، كما من خلال الزيارات المنزلية. ويشمل هذا النهج الشامل الجديد كُلاًّ من خدمات التغذية الأساسية و خدمات تنمية الطفولة المبكرة، لتمكين مقدّمي الرعاية من ضمان النمو الأمثل للأطفال.
كذلك، كانت كلمة للسيدة ميرنا الشامي من دار حضانة “tweety daycare” التي تحدثت عن مشاركتها في الوحدات التدريبية تحت برنامج Rising وكيفية تطبيق التدريبات في الحضانة.
ثم تحدثت ربة العائلة السيدة ناتالي خوري التي تلقت تدريبًا مماثلا عن تجربتها وأهمية تنمية الطفولة المبكرة وتغذية الرضّع وصغار الأطفال.
وكانت كلمة للبروفسور في طب الأطفال والعناية الفائقة لحديثي الولادة والخدج في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتورة لما شرف الدين التي أكدت أن نمو دماغ الطفل المبكر أمر بالغ الأهمية، حيث تلعب التغذية دورا مهما فيه. فالتعرّض لسوء الرعاية وسوء التغذية يمكن أن يؤّثر بشكل عميق على نمو الأطفال وتطورهم عبر الأجيال.
وفي بيان مشترك صادرعن وزارة الصحة العامة واليونيسف، تم التذكير بأن وزارة الصحة العامة، بدعم من اليونيسف والجامعة الأميركية في بيروت، قامت بتطوير واعتماد برنامج تعليمي منهجي يتألف من 19 وحدة لتزويد العاملين في الخطوط الأمامية في قطاع الصحة، والتغذية، والتعليم، وحماية الطفل، والرعاية النهارية، بالمعرفة والمهارات اللازمة لتطبيق مبادئ تنمية الطفولة المبكرة والرعاية التنموية في عملهم اليومي.
أضاف البيان: أن برنامج التعليم الوطني RISING يمكّن العاملين في الخطوط الأمامية من تقديم حزمة متكاملة من الخدمات ، بما في ذلك التدخلات الوقائية والتعزيزية التي تركز على الرعاية المستجيبة و تعزيز الحماية وتشجيع ممارسات التغذية المثلى. كما تقوم المبادرة بتوحيد الزيارات المنزلية، التي تركز على الطفل، من قبل العمّال المجتمعيين في جميع أنحاء البلاد ، وتوفير خدمات تنمية الطفولة المبكرة في المنزل مع مراقبة التفاعلات بين مقدم الرعاية والطفل.
وكجزء من هذه الممارسة، يتم أيضاً تحديد الأطفال المعرضين لخطر الحرمان الغذائي والنمائي وإحالتهم إلى رعاية أكثر تخصصاً. وقد إستفاد حتى الآن، أكثر من 350,000 طفل ومقدم الرعاية من خدمات التغذية وتنمية الطفل التي تقدمها RISING على كافة الأراضي اللبنانية”.